الملخص
يتناول هذا البحث مقامة لصلاح الدين الصفدي المتوفى سنة 764 ه / 1362 م دراسةً وشرحاً وتحقيقاً، ويعرض حياة الصفدي عرضاً موجزاً، ثم يبين موضوع المقامة وسبب إنشائها، وهي مقامة ذات موضوع طريف يتصل بحرب المدن بين المسلمين والفرنجة، إذ لجأ الفرنج بعد هزيمتهم النكراء على يد المماليك في الساحل الشامي، وإذلالهم في أرمينيا الصغرى إلى التخطيط إلى حرق المدن الإسلامية الكبرى، ونجح عملاؤهم في إضرام النيران في أسواق ومساجد ومدارس دمشق في سنة 74. ه / 1339 م وكان الصفدي – وهو من كتاب الدولة المطلعين على أسرارها – موجوداً بدمشق حينئذ، فوصف ذلك الحدث ناقلاً مشاهد حية منه، ومعبراً عن مشاعر أهالي دمشق لخسارتهم الكبرى مادياً وحضارياً، وكاشفاً عن دور الدولة إبان الحريق وبعده.
ويعرض للشكل المقامي عند الصفدي الذي خالف فيه نهج الحمداني والحريري، ويبين أن هذا النمط المقامي أقرب ما يكون إلى المقالة مع المحافظة على بعض العناصر الموروثة، ويتناول أسلوب الصفدي في مقامته حيث التزامه السجع القصير إطاراً، وإكثاره من الجناسات والتوريات والاقتباس وحل المنظوم.
وكان الاعتماد في تحقيق هذه المقامة على نسختي أحمد الثالث رقم (2797) وآيا صوفيا رقم (3425) من مسالك الأبصار، ونسخة الاسكوريال رقم (524)، وزوًد نص المقامة المحقق بتعليقات ضافية على ما فيها من غريب ومواقع وأعلام، وخرجت الأشعار من مظانها، وأرجع كل ما اقتبسه الصفدي إلى مصادره.